مدرسة الحياة
إيمان حماد الحماد
في وسط معمعة الحياة ترانا سائرين، وأمام قوة تياراتها مازلنا صامدين، وبشيء من التفكير وبعض من التدبير نصبح على مواصلة المسير بها قادرين.
فهي مدرسة متميزة، لا ينجح بها إلا المتميزون، ولا يقوى على متطلبات النجاح بها إلا المتفوقون، فهي مليئة بالاختبارات الصعبة، وتطرح الكثير من الأسئلة المعقدة، وتحوم حولها العديد من الفرضيات المحتملة، والإجابات المتوقعة، والاحتمالات المتناقضة، مما يصعب معه الاختيار، وعن الإجابة عنها لا فكاك ولا فرار.
فينجح هذا، ويعيد ذاك، ويبرز هذا، ويختفي ذاك، كلهم دخلوا لجانها، وجميعهم خاضوا اختبارها، ولكنهم تفاوتوا في فهمها، واختلفوا في الإجابة عنها، ولم تتشابه طرقهم في التعامل معها، مما يؤكد على التفاوت في جدية الاستعداد لها، والاهتمام بها، وعلى قدر ما نعطيها تعطينا، وبحجم اهتمامنا بها، تسعدنا وتشقينا.
فلجانها هي محطات حياتنا، قد تكون مروراً وعبوراً، وقد تكون مقراً ومستقراً، وقد تكون اختياراً وقد يكون بعضها إجباراً، ولكن المسافر فيها لا يكون مغيبًا طوال رحلته وإن تغافل قاصداً في بعضها، لأنه عندما يتنبه عند أي محطة سيدرك أنه كان يتألم، ويتعلم، وقد يندم فيستدرك، وقد يسأم، ويضعف، ويتوقف باحثاً عن منقذ.
وإن شعر بأنه أخطأ، فلا يكفي الاعتراف بالخطأ، ولكن يجب العمل على إصلاحه ومحو آثاره، إن استطعنا، فلن يشفى المريض بمعرفة العلاج فقط إن لم يستمر عليه فترة من الزمن تكون كفيلة بعلاجه وزوال آثاره.. ولا ننسى أن لكل علاج آثارا جانبية وأعراضا علينا أن نتقبلها ونتوقعها لنستعيد صحتنا ونشرق من جديد، فلنقبل على الحياة بعزم من حديد، فإن أحرقتنا سنُصْقَل، وإن ثنتنا سنَعْقَل، وإن بردتنا سنقوى ونزادد حدة، وإن طحنتنا سنجتمع ونعيد تشكيلنا بكل شدة، فمهما قست علينا الحياة سنقسو، وفي أي مأزق وضعتنا سننجو، وبأي موقف أقعدتنا وشلت حركتنا، إلا أننا بقوتنا سنعاود الوقوف ونحو أهدافنا سنخطو، وبأي ابتلاء امتحنتنا للنجاح بفعلنا سنرجو. فالحديد صلب لا يذوب، وإن كان له قلب فهو من أعتى القلوب، ولا تفهموني بالمقلوب، والله يعلم مقصدي وهو علام الغيوب.
إيمان حماد الحماد